«إنني أدعوكم جميعا لكي تكونوا سندا لي، ساعدوني وشجعوني إذا أصبت، وقوموني وصوبوني إذا جانبت الصواب..».. بهذه الكلمات التي تستحضر صورة أبي بكر الصّديق، اختار الرئيس تبون أن يختم خطاب تنصيبه رئيسا للبلاد، ليحدّد من خلالها – رمزيا – مستوى الرهان الذي رفعه من أجل بناء جزائر جديدة.. جزائر «القانون والعدل والأخلاق»..
ولم يكن مسار البناء محفوفا بالورود، فالجزائر كانت في خضمّ «أزمة» خطيرة، عمّقتها تراكمات ما اجترح كثير من الفاسدين المفسدين الذين أوصلوا البلاد إلى دركات من الخيبة بدّدت «الثقة»، ووضعت «المستقبل» في مواجهة المجهول، غير أن إيمان الرئيس تبون، الخالص، بالقدرة على الوصول بالبلاد إلى برّ الأمان، واسترجاع مكانتها التي تليق بها في محفل الأمم، يسّر له الوقوف في ذلك الموقف المهيب، قبل ثلاث سنوات، ليخاطب الأمّة بلسان الصّدق، ويتعهّد أمام الله، وأمام الشعب الجزائري، بأن يرسي قواعد تؤسس للجزائر الجديدة، والوفاء بأربعة وخمسين التزاما، تصون وديعة الشهداء وتحفظ أمانتهم.. ولم يكن بين يدي الرئيس تبون يومها، سوى طاقات شبانية عالية الطموح، وثقة شعب يرغب في التغيير الشامل.. كان التحدّي يقتضي تحقيق رغبة الشعب، وبلوغ طموح الشباب.. كان التّحدي يقتضي استعادة الأمجاد الجزائرية..
وحرّك الرئيس تبون دواليب العمل.. لم يضع نصب عينيه سوى الوفاء بالتزاماته، وإذا البلاد تتحوّل إلى ورشة حقيقية، ويشهد المواطن الجزائري، لأوّل مرة، في تاريخ الجزائر المستقلة، على عبقرية القرار وقوّته ونفاذه، ويرى رأي العين كيف يعيش الرئيس أدقّ مشاكله اليومية، وهو يصدر التعليمات الصارمة، ويعالج الإشكاليات المطروحة في وقتها، تماما مثلما يتّخذ المواقف المشرّفة الصارمة النابعة من عمق الأصالة الجزائرية..
ثلاث سنوات ليست شيئا مذكورا في تاريخ الدّول، لكن الرئيس تبون عرف كيف ينجز فيها ما تعجز عشريات من الصبر عن تحقيقه..