مازالت اهتزازات «البريكست»، تلقي بتأثيراتها على العلاقات التجارية والأسواق والقوانين المشتركة، وفوق ذلك تهدّد ببروز خطر التصدع المؤلم، علما أنّ البريكست جعل إيرلندا في وضع غير مريح، بل وفتح عليها بابا تهب منها رياح التناقضات، فجعلها غير مرتاحة، في ظل بروز خلافات بين لندن ودول الإتحاد الأوروبي، يرشح أن تتسع لتبلغ حجم الأزمة، منطقة الأورو في غنى عنها، أمام مواجهة القارة لسلسلة من عواصف مدمرة، بداية من شبح التضخم، إلى خطر انقطاع الإمدادات الطاقوية والغذاء وانفجار أزمة لاجئين لن تنتهي غدا أو بعد أشهر قليلة.
مازال الملف الإيرلندي يمشي على رمال متحركة، لذا هناك من يحذر من وجود قنبلة تهدّد بتفجير العلاقات الأوروبية ونظيرتها البريطانية، خاصة بعد تحرك لندن نحو إدخال تعديلات على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، على صعيد الوضع الخاص بأيرلندا الشمالية أو ما يسمى «بروتوكول أيرلندا». وهذا ما جعل بريطانيا مستعدة لخوض معركة كسر عظم مع الاتحاد الأوروبي، يكون فيها قيام حرب تجارية مدمرة لاقتصاديات القارة العجوز، أكثر ممّا تكبدته مع فيروس كورونا وخلال الحرب الروسية الأوكرانية.
يحتدم الخلاف في ملفين جوهريين، ويتعلق الأمر بكل من حركة السلع والبضائع، على خلفية أنّ الاتفاق ينص على أنّ البضائع التي تتدفق على جزيرة أيرلندا ينبغي أن تحترم المعايير الأوروبية، في حين مازال الخلاف قائما حول رفض المملكة المتحدة أن تبت المحكمة الأوروبية في الخلافات بين بروكسل ولندن، وتفضل على ذلك التحكيم الدولي، ولا يخلو هذا الجو المشحون من لهجة تصعيدية تهدّد بحرب تجارية ما بين الطرفين المنفصلين، علما أنّ حدّة الخلاف وصلت إلى واشنطن والتي اكتفت بوضع مراقب لتداعيات الملف الإيرلندي.
ترافع لندن عن «خط أخضر» لمرور سلع بريطانية إلى إيرلندا الشمالية، حيث لا تخضع للمراقبة ولا تسري عليها معايير أوروبية، بل ويتم تكريس «خط أحمر» لكل ما تستقبله جمهورية أيرلندا ويخضع للمراقبة الأوروبية. غير أنّ دول منطقة الأورو يرفضون هذه المقترح بشدّة ويتعذرون بمخاوف التهريب.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.