صورة ناصعة

بين الجزائر وموريتانيا آفاق رحبة للتعاون في عديد القطاعات، ما يمنح للبلدين فرصا كثيرة لتعزيز الشراكة بمحتوى ثنائي نابع من انشغالات وتطلعات الجانبين لبناء جسر متين يؤسس لمرحلة جديدة وفقا لمقاربة شاملة ترتكز على طاقات وقدرات البلدين لمواجهة التحديات المشتركة، التي بدأت في الميدان من بوابة اقتصادية منفتحة على مؤسسات البلدين دون انتظار حلول سحرية لن تأتي إطلاقا في زمن عولمة شرسة انساقت وراءها أطراف أخرى باعت قيم الجوار والانتماء لمنطقة المغرب العربي التي تقف أمام امتحان مصيري لن يكسب سوى بتعزيز عرى التعاون وحماية مرجعية الانتماء.
ضمن هذا المنظور، تقدم الجزائر وموريتانيا صورة ناصعة عن مدى الشعور بالمسؤولية تجاه كل ما يجري في المنطقة المغاربية، التي تحتاج إلى رصّ الصف وتنمية المبادرات، وفقا لما تم الشروع فيه منذ الفترة الأخيرة عبر مشاريع مندمجة تتجه مباشرة إلى المواطن في البلدين، مما يعطي مناعة ينبغي أن تتزايد لتجاوز تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، التي زادتها جائحة كورونا حدّة، ومن ثمة تتطلب توسيع نطاق التعاون وفقا لرؤية سديدة نابعة من إرادة سياسية سيّدة للبلدين كما هو الحال اليوم.
بهذا الخصوص، ما فتئت الجزائر تسعى بحرص، لتقوية جسور التواصل والتبادل بمحتوى اقتصادي يوجه إلى الشعبين حتى يمكنها قطف ثمار حسن الجوار بمعايير حديثة، توازن بين متطلبات الفعل الاقتصادي ومقتضيات التضامن، بعد أن تبينت أنانية البعض وتغوّل البعض الآخر من قوى نافذة في المشهد الدولي، تقود إلى تعميق الهوة في المنطقة وإعاقة كل مبادرة تنبع من صميم شعوبها التواقة لمزيد من التماسك، مع نبذ أي انحراف تجاه القضايا العادلة ذات الصلة بحق الشعوب في تقري المصير وانتهاج مسار الشرعية الدولية في إنهاء الاستعمار حيثما كان.
وبالطبع، مثل هذا التقارب، الذي يأتي في أوج ظروف تؤكد مؤشراتها أن الاعتماد على الذات والتكتل الإقليمي القائم على قواعد صلبة بمرجعيته الأصلية التي تنسج في مخيلة الشعوب وناضل من أجلها الأولون، بوابة النجاة من مخططات قوى الاستعمار الجديد التي تستعمل أدواتها الضعيفة في المنطقة للتشويش على الاستقرار وعلى مشاريع النهوض.