في جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا حاضنة إسمها “تيكنوف”، هي خزان لحاملي مشاريع مبتكرة في التعليم والبحث العلمي.
اقتربت “الشعب” من طلبة حولوا أفكارهم الإبداعية إلى مشاريع مبتكرة تخدم الاقتصاد الوطني والتنمية.
إسراء، مريم، شيماء، رامي والمؤطر فريد، نماذج من كفاءات جزائرية في جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا بباب الزوار، منخرطون في حاضنة “تكنوف” بالجامعة ذاتها، رفعوا تحدي ابتكار أفكار مشاريع جادة تخدم التنمية والاقتصاد الوطني، تماشيا مع سياسة الدولة الجزائرية في ربط الجامعة بالمحيط الاقتصادي بإعتبار البحث العلمي قاطرة كل تقدم.
يشارك هؤلاء المبدعون بمشاريعهم المبتكرة في جائزة رئيس الجمهورية للباحث والطالب المبتكر، آملون في الفوز وتشريف جامعتهم، والمساهمة في إيجاد حلول لمشاكل إجتماعية وإقتصادية وبيئية.
تطبيق لحل مشكل العقم
جمعة إسراء، طالبة ماستر 02 في البيولوجيا وعلم وظائف الأعضاء، حصلت على الليسانس في 2024، بدأت رحلة البحث في حاضنة “تكنوف” بجامعة باب الزوار، تخصص تكاثر البشر، ينصب مشروعها على دراسة أسباب العقم والأمراض، التي تتسبب فيه.
تقول إسراء لـ”الشعب”، أنها عندما كانت طالبة قامت بتربصات على مستوى المستشفيات ومخابر التحاليل الطبية، في العطل الصيفية لإكتساب الخبرة، ولاحظت خلال مدة التربص العديد من الأزواج يأتون للقيام بفحوص طبية بغرض الإنجاب، وكانت تتساءل لماذا يعانون العقم، ولا يستطيعون الإنجاب، هي التي تربت وسط عائلة كثيرة الأفراد.
تضيف محدثتنا، أنها كانت تلاحظ أيضا نظرات حزن ويأس وخوف من نظرة المجتمع في أعين الأزواج، لأنهم لا يستطيعون الإنجاب، ويستحيون من إصابتهم بالعقم، في حين أن هذا المشكل قدر من الله ولا دخل للإنسان فيه، الشئ الذي دفعها لتصفح مواقع الأنترنيت يوميا للإطلاع على جديد ما توصل إليه الطب من اكتشافات في هذا المجال، حتى عثرت في 2023 على قرار 75-12، الصادر في 2022، المتعلق بمشكل العقم، وكانت لا تزال تدرس في الماستر.
تقربت إسراء جمعة، من حاضنات الأعمال “تكينوف” بجامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا وانخرطت فيها، أين وجدت أستاذتها السيدة زيريمي، االتي تحمل نفس فكرة المشروع، في ايجاد حل لمشكلة العقم، وتباحثت الطالبة مع أستاذتها حول تجسيد الفكرة ميدانيا.
إقترحت إسراء انشاء تطبيقات خاصة بالجزائريين، الذي يعانون العقم، خاصة بعدما عرفت أن هذه الظاهرة أصبحت مشكل صحة عمومية، نظرا للإحصائيات المرتفعة سنويا في نسب المصابين، ما يدعو لدق ناقوس الخطر، وقد ساعدتها استاذتها في تطوير الفكرة، التي أصبحت مشروعا مبتكرا يبقى فقط الإعلان عنه قريبا، علما أنها شاركت بهذا المشروع في مسابقة جائزة رئيس الجمهورية للباحث المبتكر.
التطبيق الذي تعمل عليه الطالبة يضم مهنيي الصحة، الذين يشتغلون على هذا المشكل من أطباء متخصصين في طب النساء والتوليد، في الخصوبة، أطباء الذكورة، وايضا شركات تنتج أدوية خاصة بالعقم، وهي حاليا في تنسيق مع شركة ” افكسيون”، التي تنتج مكملات غذائية لهؤلاء.
ترى محدثتنا أن اليوم الوطني للطالب بالنسبة لها “رمز لتضحيات من سبقوها من الطلبة من أجل تحرير الجزائر، وافتخار بما قدموه إبان الثورة وبعد استرجاع السيادة الوطنية، وبفضلهم ننعم اليوم برخاء واستقرار وأمن وحرية”.
واجبنا استكمال رسالة الشهداء..
وتشير إلى أن كل جيل له خصوصية، وأنه من واجب طلبة اليوم استكمال رسالة الشهداء، بتطوير الجزائر بالعلم والتكنولوجيا ومواكبة كل ما يحدث في الدول المتقدمة من ابتكارات تكنولوجية حديثة ، خاصة وأن هناك قدرات كبيرة في الجزائر، ومشاريع مبتكرة مهمة جدا يمكنها النهوض بالتنمية الاقتصادية والصحية ببلادنا، في السنوات المقبلة.
وتضيف إسراء، أنها في الوقت الحالي تستثمر كل طاقاتها وجهودها على مشروعها الحالي، لكن هناك مشاريع أخرى في ميدان الصحة والتكنولوجيا، ستعمل عليها بعد تفرغها من المشروع الأول، كونها تتحكم جيدا في هذا المجال.
تطبيق استشارات طبية ومرهم لعلاج الحروق والإلتهابات
زوبيش غنية شيماء، طالبة في ماستر 02، في تخصص هندسة العمليات الكيميائية والنظافة الشخصية ومستحضرات التجميل، على مستوى حاضنة “تكينوف”.
فكرة المشروع تتعلق باستشارة طبية عن بُعد تخص الأمراض الجلدية عبر تطبيق خاص متصل بشبكة الأنترنيت، حيث يلج المريض هذا التطبيق للبحث عن طبيب مختص في الأمراض الجلدية، يكون أقرب إلى مقر سكناه، يرسل له صور عن مشاكل جلدية يعانيها، وبالمقابل يرسل له وصفة طبية.
وتوضح شيماء، أنها اخترعت أيضا تطبيقا خاصا بمستحضرات التجميل، و هو عبارة عن فضاء للتسوق يمكن للمريض إيجاد منتج يتعلق بمرض جلدي أو تجميلي، الذي يناسب علاجه، ويقتنيه مباشرة عبر هذه الأرضية، إضافة إلى ابتكار مرهم لعلاج الالتهابات والحروق، مصنوع بمواد طبيعية 100 بالمائة منها عشبة الكاليتوس، بعد اختبار كل المواد في حاضنة جامعة باب الزوار، وكانت النتيجة إيجابية، وكان هذا في اكتوبر 2023، وهو موضوع مذكرة تخرجها.
وتأمل صاحبة هذا المشروع المبتكر، في الترويج لمنتوجها عبر تطبيق “فضاء ترويج التسويق ” marketing place”، كي تتعرف عليه الشركات وتعقد معهم شراكة.
وعن دور الحاضنات في البحث، تشير الطالبة الباحثة، الى أنها انخرطت في حاضنة الجامعة وكانت حاملة مشروع كبقية الطلبة، ثم أصبحت عضوا، لأنها كانت دائما تقصد هذه الحاضنة. أعجبت بجو العمل المحفز للإبداع والإبتكار، خاصة مع مرافقة أساتذة باحثين مؤطرين، ونصائح الخبراء والحديث عن تجاربهم وكيف نجحوا في تجسيد مشاريعهم.
وتؤكد محدثتنا، أنها ستواصل على درب اسلافها الطلبة، الذين ضحوا بأنفسهم ابان الثورة التحريرية، لتحرير الجزائر وهي اليوم من بين النخب العلمية القادرة على رفع المشعل.
مشروع تطوير خطط تسيير المخاطر الطبيعية
ايحموشن مريم ايزيرا، هي أيضا حاملة مشروع مبتكر في حاضنة الأعمال تكينوف، درست تخصص علوم الأرض التطبيقية، بالجزائر وتونس، وفي الكلية الألمانية في تخصص المقاولاتية وتسيير المشاريع، والتسويق وهي حاليا أستاذة.
ترتكز فكرة مشروعها على تسيير الأخطار مثل الزلازل، انجراف التربة، الفيضانات، وتطوير خطط تسييرها والوقاية منها وإخلاء السكان في حالة وقوع هذه المخاطر، التي تؤثر على السكان وتطوير الأحياء السكنية، وذلك بإدراج تكنولوجيا جديدة عن طريق المحاكاة تسمى “ليا liya.”
توضح مريم أن مشروعها كان في البداية وطني، وأصبح حاليا دولي، حيث ستفتح مكتب بسان بيتراسبورغ، بروسيا، وأيضا في برلين بألمانيا، قريبا، ولديها مكتب في تونس.
وتضيف محدثتنا، أنها اعدت مع فريق بحثها مخططات لتغيير المخاطر بإدماج تقنية “ليا”، لإجلاء السكان في حالة وقوع كوارث طبيعية وللتقليل من المخاطر ، وقد شاركت بهذا المشروع في جائزة رئيس الجمهورية للباحث والطالب المبتكر، متمنية الفوز لتشريف حاضنة تكينوف وجامعة هواري بومدين.
ولديها مشروع آخر يسمى البيانات الأرضية، بشراكة تونسية ألمانية، متخصص في الهندسة التقنية، والهندسة المدنية، وتطوير مواد جديدة للبناء، ووعود بالعمل مع مؤسسات وطنية كمجمع سوناطراك، كوسيدار، ومراكز البحث.
وترى مريم، أن حاضنة الأعمال فضاء بحث وابداع للطالب والباحث، الذي يأتي بفكرة ويصبح حامل مشروع مبتكر، من حيث توفير كل الوسائل لتجسيد الفكرة ميدانيا، وإقتحام السوق الوطنية، متحدثة عن تجربتها، حيث استفادت من مرافقة وتأطير الأساتذة إلى غاية وصولها إلى تجسيد فكرة مشروعها المبتكر.
رامي: تطبيق محلي لحماية البيانات
رامي ايمنصورا، طالب سنة ثالثة في هندسة أمن الحاسوب، وعضو حاضنة “تكينوف”، هو أيضا حامل لمشروع تطبيق آلي مبسط ومتكامل بإدراج تقنية الذكاء الإصطناعي، والخوارزمية، خاص بعلم البيانات لتصنيف السير الذاتية لتسهيل التوظيف، والقضاء على البيروقراطية في هذا المجال، وقد شارك به في مسابقة جائزة رئيس الجمهورية للباحث والطالب المبتكر.
يوضح رامي لـ”الشعب”، أنه أنشأ هذا التطبيق المحلي كحل ولحماية بيانات المؤسسات من الاختراقات الخارجية، ويسعى لتعميم هذا الحل على كل المؤسسات العمومية والخاصة، وطموحه هو التعاون مع الوكالة الوطنية للتشغيل لتسهيل حياة الموظف ومسؤول التوظيف والقضاء على البيروقراطية.
شارك رامي إيمنصورا، في ثلاث منافسات، الأولى بمعرض التوظيف في شهر فيفري 2025، حيث حصل على المرتبة الأولى وطنيا كأحسن خطة عمل في الجزائر، وحقق المرتبة الثالثة في مسابقة نظمتها جامعة هواري بومدين، وفاز بالمرتبة الثانية في مسابقة بمعهد التكنولوجيا بسيدي عبد الله، حيث يسعى محدثنا لتصميم هذا الحل على كل المؤسسات العمومية او الخاصة، لتسهيل حياة الموظف ومسؤول التوظيف، إضافة إلى مشاريع أخرى تخص الشباب.
واعتبر رامي، جائزة رئيس الجمهورية للباحث والطالب المبتكر محفز معنوي، تجعله يشعر بإهتمام الدولة الجزائرية بالشباب المبدع، وأيضا من الناحية المادية ومن حيث التكوين.
الدكتور إغيلال: تسجيل أكثر من 200 مشروع مبتكر هذه السنة
الدكتور فريد أوغيلال، باحث وعضو في حاضنة “تكنوف”، يشرف على تأطير الطلبة حاملي مشاريع التخرج، في البيئة والصيدلة ومستحضرات التجميل الدوائية، والذكاء الإصطناعي.
يؤكد محدثنا، أن حاضنة “تكنوف” تواصل عملها استنادا للقرار الوزاري رقم 75-12 الملحق مؤخرا بالقرار 00-8 الهادف لمرافقة الطلبة حاملي المشاريع بغرض تكوينهم والحصول على معارف في ميدان المقاولاتية، وانشاء مشاريع مؤسسات مصغرة “ستار توب”، بتلقينهم كيفية تسجيل المشروع للحصول على علامة ” مشروع مبتكر”، بغرض تسويقه.
يشير الباحث أوغيلال، إلى أنه هذه السنة سجل بين 200 و300 مشروع مبتكر لمختلف كليات جامعة باب الزوار، مبرزا دور الحاضنة في مرافقة الطالب حامل المشروع في جوانب تقنية لإنشاء مؤسساتهم يجهلونها تتعلق بالتسيير، تمويل المشروع، التفكير التصميمي، الإبداع، نموذج عمل البرامج، ويلقن الطالب واقع السوق الجزائرية، وتطور الأرضيات، وكلها تتماشى مع استيراتيجية وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي واقتصاد المعرفة.
ويوضح الأستاذ، أن إنشاء مؤسسة مصغرة يمر بمراحل، ابتداء من الفكرة إلى تسجيل المشروع لحفظه، الإتصال مع المؤسس الممولة للمشروع، وحسب احتياجاتها. ويضيف أن حامل المشروع يشارك في أبواب مفتوحة تنظمها الجامعة او في معارض وطنية بالصافكس، أو قصر الثقافة مفدي زكرياء، وهي فضاءات تسمح للمؤسسات بإيجاد احتياجاتهم، ودور المؤطر هو توجيه حامل المشروع وهم طلبة في الليسانس، أو ماستر 02، نحو احتياجات المؤسسات الجزائرية، وإذا أراد حامل المشروع اطلاق افكار مهمة يتم مرافقته لتطويرها وتجسيدها ميدانيا.
وذكر محدثنا، بسياسة جامعة باب الزوار والوزارة الوصية في ربط الجامعة بالمحيط الاقتصادي، كاشفا عن إبرام اتفاقية مع جمعية للكفاءات الجزائرية ، التي تنشط في اوروبا ويمكنها المساعدة لتحسين مشاريع الطلبة .
واعتبر محدثتنا، جائزة رئيس الجمهورية للباحث والطالب المبتكر، تشجيع للطلبة الشباب حاملي المشاريع الجديدة، لإنشاء مؤسسات مصغرة.
