احتضنت سينماتيك الجزائر، الأحد، عرض فيلمين وثائقيين تاريخيين بعنوان “عدم الإنحياز، مشاهد من بكرات لابودوفيتش” و”سينما الحرب: رحلة ستيفان لابودوفيتش مع ثورة التحرير”، سلطت من خلالهما المخرجة الصربية، ميلا توراجليتش، الضوء على محطات من المسار النضالي للمصور اليوغسلافي وصديق الثورة الجزائرية ستيفان لابودوفيتش ودوره في توثيق الثورة التحريرية.
يتطرق الفيلم الوثائقي الطويل “عدم الانحياز، مشاهد من بكرات لابودوفيتش”، لمسار المصور الصحفي اليوغسلافي، ستيفان لابودوفيتش (1926- 2017)، المصور الشخصي للزعيم اليوغوسلافي، جوزيف بروس تيتو، منذ 1954 والذي رافقه في أبرز محطاته السياسية ورحلاته الدولية، وقد اعتمدت المخرجة على رصيد ثري من لفافات أفلام حملت ذكريات بصرية من زمن التحرر وميلاد فكرة عدم الانحياز.
ويتطرق هذا العمل إلى أبرز محطات ومسارات هذا المصور الصحفي، الذي كان يعمل في الوكالة اليوغسلافية للإنتاج السينمائي “فيلمسكي نوفستي”، والذي رافق الزعيم التاريخي، تيتو، في رحلاته عبر العالم ووثق لمختلف الأحداث السياسية الدولية التي عايشها والزعماء الذين قابلهم، فأصبح يعرف في بلاده بلقب “مصور تيتو”.
وترافق المخرجة الصربية، ميلا توراجليتش، بالكاميرا وعلى مدار 104 دقائق ذاكرة المصور ستيفان لابودوفيتش بلمسة من الحنين والدعابة، بالتطرق إلى مختلف الأحداث السياسية التي قام بتغطيتها كمصور صحفي داخل وخارج يوغسلافيا، أبرزها المؤتمر الأول لحركة عدم الانحياز الذي احتضنته بلغراد في 1961، أين التقط الكثير من الصور المؤرخة له وللزعماء الذين حضروا تلك القمة.
وقد غذت المخرجة هذا العمل التسجيلي، الذي يعكس قوة السينما كأداة في النضال السياسي، بمجموعة من الحوارات السابقة مع لابودوفيتش منذ لقائها به في الجزائر في 2013، مرفوقة بالكثير من الصور والفيديوهات الأرشيفية الشاهدة على المسار الحافل لهذا المصور بكل من بلغراد (مؤتمر بلغراد) ونيويورك (الأمم المتحدة) وغانا ومصر وغيرها من الدول.
ومن جهة أخرى، غاص جمهور السينماتيك في لحظات تاريخية نادرة عبر الوثائقي الثاني الموسوم “سينما الحرب: رحلة ستيفان لابودوفيتش مع ثورة التحرير”، ليروي مسار المصور لابودوفيتش، الذي وثق أحداث هامة من الكفاح المسلح والثورة الجزائرية بتكليف من الرئيس تيتو، اعتمادا على مجموعة كبيرة من صور الثورة التحريرية وتسجيلات توثق بالصوت والصورة يوميات الكفاح والثورة والمعارك وغيرها من المحطات التي ساهمت في دحض الدعاية الفرنسية، ما ساهم في التعريف بالقضية الجزائرية على المستوى الدولي.
ويتتبع هذا الوثائقي مسار المصور لابودوفيتش المعروف بالتزامه بالقضايا العادلة، والذي خلد بعدسته محطات بارزة من النضال الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي وأبرز لحظات الثورة التحريرية، بدءا بحلوله بالجزائر في 1959 بطلب من جوزيف بروس تيتو في مهمة لالتقاط الصور مساندة للقضية الجزائرية في مواجهة آلة الدعاية الفرنسية ولتعريف العالم بكفاح الشعب الجزائري من أجل التحرر من الاستعمار الفرنسي.
وفي هذا الإطار، أشارت المخرجة ميلا توراجليتش لـ وأج أن “هذين العملين الوثائقيين بمثابة استحضار للذاكرة ولالتزام ستيفان لابودوفيتش ودوره في رصد وتوثيق 3 سنوات من معارك الثورة الجزائرية بآلة التصوير وعدسة الكاميرا”، مضيفة أن لابودوفيتش “يمثل قيمة إنسانية عالية ومسار حافل من الالتزام”.
ومن جهته، أكد الناقد السينمائي، أحمد بجاوي، أن المصور الصحفي ستيفان لابودوفيتش يمثل “نموذجا نادرا من الالتزام بالقضايا العادلة، حيث رافق مختلف عمليات جيش التحرير الوطني بعد الانضمام إليه في المعارك والكمائن ضد الجيش الفرنسي، كما كان مروره بالجزائر ابتداء من سنة 1959منعرجا هاما في حياته”.
وقد لعب لابودوفيتش، يضيف بجاوي، “دورا كبيرا في توثيق وتدوين جزء مهم من أحداث الثورة الجزائرية والكفاح المسلح التحرري وأبدى التزاما كاملا ودون تردد بنقل تلك الصور بكل أمانة إلى المحافل الدولية للتعريف بما كان يجري بعيدا عن أعين الرأي العام الدولي”.