يشرح الخبير الاقتصادي نبيل جمعة مؤشرات تخص تحسن أداء قطاع الفلاحة بالجزائر واستقرار أسعار مواد غذائية، وما يرافق ذلك من نمو ناتج محلي خارج المحروقات، مثلما جاء في تقرير صادر مؤخرا عن البنك الدولي.
يُركز نبيل جمعة، في قراءته لمحتوى التقرير، على زوايا ترتبط بإصلاحات وتدابير اتخذتها البلاد، في السنوات الأخيرة، ساهمت في رفع أداء قطاع الفلاحة، منها برامج دعم عمومي واستثمارات مدروسة.
يبرز جمعة، في تصريح لـ”الشعب أونلاين”، نتائج جهود تحسين بنى تحتية واعتماد أنماط زراعة أكثر تأقلما، إلى جانب تحول مستثمرات إلى استخدمات تقنيات ذكية “والتوجه أيضا نحو زراعات بديلة مثل الزراعات الصحراوية.”
ويربط المتحدث مؤشرات قطاع الفلاحة واستقرار أسعار مواد غذائية، بحسب تقرير البنك الدولي، بتحسين نسبي في شبكة التوزيع ومعالجة اختلالات أدت في وقت سابق إلى ضياع محاصيل.
ويُذكر الخبير الاقتصادي بالتدابير التي اتخذتها الحكومة في إطار مجابهة المضاربة، بتبني تشريعات وتنفيذها ميدانيا، خاصة ما تعلق بالسلع ذات الاستهلاك الواسع.
في السياق، يركز متحدث “الشعب أونلاين”، على دور ما يطلق عليهم “الفلاحين الصغار” في مواكبة تحديات البلاد في الأمن الغذائي، ويقول في هذا الجانب “ما زالت الزراعة العائلية تساهم بقدر مهم في إنتاج الخضر والفواكه والحبوب.”
خارطة زراعية
يتحدث جمعة عن أهمية تبني وعي استراتيجي متزايد بأهمية الفلاحة، خصوصا مع ما يشهده العالم من أزمات “نحن بحاجة إلى توجه استراتيجي منسجم ومواصلة مسار الإصلاحات.”
ويُشير جمعة إلى أن الآداء الجيد للقطاع الفلاحي بحاجة إلى التركيز أكثر على تطوير صناعات تحويلية تستغل فائض الإنتاج، والتحول نحو اعتماد تقنيات زراعية حديثة ربحا للوقت والمال والنوعية في الإنتاج.
ويقتضي تطوير هذه الدينامكية المسجلة في قطاع الفلاحة، بحسب المصدر، إلى العمل على تحديد الأولويات والأهداف بدقة، باعتماد خريطة وطنية تراعي خصوصيات كل منطقة من حيث المناخ والموارد، إلى جانب تشجيع الاستثمارات الخاصة، لاسيما في الصناعات الغذائية والتحويلية والتكنولوجيا الزراعية.
وتمثل الفلاحة، يضيف المتحدث، أهم الموارد التي يمكن أن يعول عليها في تنويع اقتصاد البلاد خارج المحروقات، بتحفيز الفلاحة التصديرية ودعم مشاريع زراعية تستهدف الأسواق الخارجية.
في جانب آخر، يبرز جمعة، أهمية تطوير أنظمة معلوماتية لتتبع مسارات الإنتاج، التسويق والأسعار، وعقد شراكات دولية للاستفادة من نقل التكنولوجيا من دول ذات تجربة ناجحة في شعب فلاحية.
مؤشرات..
بالعودة إلى تقرير البنك الدولي، يقول جمعة إنه حمل مؤشرات إيجابية، مثل نمو الناتج المحلي خارج المحروقات بـ4.8%، ما يعني أن الجزائر بدأت تحقق أحد أهداف التنويع الاقتصادي خارج المحروقات، بتبني سياسات استثمارية ناجحة في قطاعات مثل الفلاحة، الصناعة..
وأكد تقرير البنك حول الوضع الاقتصادي في الجزائر، على النمو القوي لاقتصاد البلاد وتراجع التضخم في 2024.
وبحسب نص التقرير حافظ اقتصاد الجزائر على أدائه في عام 2024، حيث سجل إجمالي الناتج المحلي خارج المحروقات نموا بنسبة 4.8%، مدعوما بالاستثمار العام القوي والاستهلاك العائلي الجيد.
ويرجع التقرير انخفاض معدل التضخم بشكل ملحوظ إلى 4.0% في عام 2024، إلى الأداء الجيد للقطاع الفلاحي رغم محدودية الأمطار، ما ساهم في استقرار أسعار المواد الغذائية.
ويقول الممثل المقيم للبنك الدولي في الجزائر كمال براهم، مثلما جاء في التقرير: “يظل مسار النمو في الجزائر متينا، إلا أن التوازنات المالية والخارجية تبقى حساسة جدا لتقلبات أسعار النفط والغاز. لذا فإن تسريع التحول الهيكلي أمر أساسي لتعزيز القدرة على الصمود ودعم النمو المستدام”.