أكّد الامين العام لوزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، آكلي بركاتي، اليوم الخميس، بمقر الوزارة، أن عمالة الأطفال في الجزائر تكاد تكون منعدمة، بفضل ترسانة قانونية وضعها المشرع لحماية حقوق الطفل وآليات مراقبة، وثمرة سياسات وقائية فعالة، وأيضا تضافر جهود المجتمع المدني بالتنسيق مع المنظمات والهيئات المختصة.
جاء هذا في كلمة افتتاحية ألقاها الامين العام للوزارة بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال المصادف لـ 12 جوان لكل سنة، والذي تحتفي به منظمة العمل الدولية هذه السنة تحت شعار: “التقدم مرئي، ولكن لا يزال الطريق طويلا: دعونا نسرع في جهودنا”.
وفي السياق، أكد المسؤول ذاته ان مصالح مفتشية العمل نفذت -في اطار جهود الوقاية والمراقبة الميدانية، خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2025- برنامجا رقابيا مكثفا شمل 49.629 مؤسسة تشغل ما يفوق 637.000 عامل، مقابل 28.952 مؤسسة خلال نفس الفترة من سنة 2024 تشغل أكثر من 372.000 عامل، أي بزيادة قدرها 71.4% من حيث عدد المؤسسات التي خضعت للرقابة، و 71.2% من حيث عدد العمال.
وأسفرت هذه الجهود عن تسجيل 5 حالات فقط لتشغيل أطفال دون السن القانوني، أي ما يمثل 0.001 بالمائة، أحيلت جميعها على الجهات القضائية المختصة، يضيف المتحدث.
وبالمقابل، يتعرض للعمالة أكثر من 165 مليون طفل عبر العالم، بحسب تقرير مشترك لمنظمة العمل الدولية واليونيسف لعام 2025، نصفهم تقريباً منخرطون في أعمال خطيرة تهدد حياتهم وصحتهم وكرامتهم، بحسب تصريح بركاتي.
ويقول المسؤول ذاته ان هذا الانخفاض الملحوظ ليس وليد الصدفة، بل هو ثمرة سياسات وقائية فعالة، وارتفاع مستوى الوعي المجتمعي لدى أرباب العمل ومشاركة المجتمع المدني في جهود الرصد والإبلاغ، فضلا عن الدور المحوري الذي تلعبه الأسر في تأمين مستقبل أبنائهم وإبعادهم عن ولوج سوق العمل في سن مبكرة.
وتعزى هذه النتائج الإيجابية كذلك –يضيف المتحدث- إلى تنسيق السياسات العمومية وتكثيف الحملات التوعوية، وبرامج التكوين الموجهة للمهنيين، وتوسيع رقعة التعاون والحوار المنتظم مع الشركاء الاجتماعيين.
وفي هذا الصدد، وتجسيدا لهذا التوجه التشاركي، يوضح بركاتي ان اللجنة القطاعية للوقاية ومحاربة عمل الأطفال، تعمل بالتنسيق مع الهيئة الوطنية الحماية وترقية الطفولة، على تجسيد الاستراتيجية الوطنية لحماية وترقية الطفولة 2025-2030، التي تقوم على ثلاثة محاور رئيسية الوقاية التبليغ، والحماية المتكاملة، مع إيلاء اهتمام خاص للفئات الهشة، لاسيما الأطفال في المناطق الحدودية والمحرومة.
مسؤولية وطنية، والتزام دولي..
ويؤكد الأمين العام لوزارة العمل أن حماية الأطفال من الاستغلال لا تتوقف عند حدودنا الوطنية، بل تعد مسؤولية إنسانية شاملة.
وفي هذا السياق، أعرب المتحدث عن التضامن الكامل مع أطفال فلسطين، ضحايا الاحتلال والحصار والتجويع، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية، وآخرها الجريمة المفجعة التي طالت عائلة الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار، التي فقدت تسعة من أطفالها دفعة واحدة.
وأشار المسؤول ذاته إلى أن صون كرامة الأطفال هو رهان حضاري، وواجب وطني سامي، لا يتحقق إلا عبر سياسات شاملة قائمة على العدالة الاجتماعية والنهوض بالتعليم، ومحاربة الفقر، وتمكين الأسر.
وجدّد بركاتي التزام الجزائر بمبادئ العدالة والمساواة، وعدم التمييز، مؤكدا أن القضاء على عمل الأطفال ليس مجرد هدف، بل هو مسؤولية وطنية، والتزام دولي لا يتحقق إلا بتكامل جهود الدولة والمجتمع بكل مكوناته.
وفي الختام، وجّه الأمين العام للوزارة تحية تقدير لأطفال الجزائر وأطفال العالم، وعلى رأسهم أطفال فلسطين، سائلا الله أن يحفظهم من كل مكروه، وأن يكتب لهم مستقبلا آمنا، كريما، ومفعما بالأمل.