أكّد رئيس الفدرالية الوطنية للفندقة، عبد الوهاب بولفخاذ، إيلاء بالغ العناية والاهتمام لتحضير موسم الإصطياف باعتباره مفصليا في قطاع السياحة، إذ تتجه أنظار الجزائريّين والزوار الأجانب إلى الشواطئ والفنادق والمرافق السياحية، وفي هذا السياق أكّد أنّ الفنادق الجزائرية، لا سيما الواقعة في الولايات الساحلية، تبذل جهودا كبيرة لضمان استقبال يليق بضيوفها من داخل الوطن وخارجه.
أفاد بولفخاذ في تصريح لـ«الشّعب”، أنّ البنية الفندقية عرفت تطورا ملحوظا، إذ يبلغ عدد الفنادق المصنفة في الجزائر حوالي 1609 مؤسّسة، مع تسجيل افتتاح أكثر من 10 فنادق جديدة في ولاية وهران فقط مؤخّرا، وبحضور وزيرة السياحة والصناعات التقليدية، وهو دليل على الديناميكية التي يشهدها القطاع، وأضاف أنه هذا التطور لا يقتصر فقط على زيادة عدد الفنادق، بل يشمل أيضا تحسين جودة الخدمات وتوسيع القدرة على استقبال الزوار، وهو ما يدل على الجهود المبذولة للنهوض بالقطاع السياحي، وأكّد أنّ الاستثمارات الخاصة بدأت تساهم بشكل أكبر في دعم هذا القطاع، خاصة في المدن الكبرى والمناطق السياحية، ما يساعد على تنشيط السياحة الداخلية وجذب المزيد من السياح الأجانب.
وفيما يتعلّق بالاستثمار في هذا المجال، أشار المتحدّث إلى وجود عدد كبير من المشاريع الفندقية في طور الإنجاز، والتي يرتقب أن تدخل حيّز الخدمة في المستقبل القريب، ومن شأن هذه المشاريع أن تساهم بشكل كبير في تعزيز البنية التحتية السياحية وتلبية الطلب المتزايد على خدمات الإيواء والضيافة.
وتساهم هذه الاستثمارات – حسبه – في زيادة عدد أماكن الإقامة السياحية التي وصلت حاليا إلى حوالي 52 ألف سرير، وهو ما يظهر تحسّن العرض السياحي، ومن المتوقّع أن توفر هذه الاستثمارات أكثر من 22 ألف فرصة عمل مباشرة، نصفها في قطاع السياحة، ممّا يؤكّد دور القطاع في دعم الاقتصاد الوطني.
وقال: “لقد بدأت مؤسّساتنا تهتم أكثر بتكوين الموارد البشرية، من خلال التعاون مع المدارس المتخصّصة، مثل المدرسة العليا للفندقة والسياحة والإطعام، كما بات العديد من المسيّرين يولّون أهمية للكفاءات، ويحرصون على استقطاب مسيرين مؤهّلين قادرين على تسيير المؤسّسات وفق المعايير الحديثة.
وتابع: “لقد أصبحت البرامج التكوينية تتناسب مع حاجيات السوق، حيث تركّز على الجوانب التطبيقية وتوفّر فرصا للتربّصات الميدانية، ما يسمح للمتخرّجين باكتساب خبرة عملية قبل دخول عالم الشغل، كما أنّ الشراكات بين القطاعين العام والخاص أسهمت في خلق ديناميكية جديدة، عزّزت من فرص التشغيل في قطاع السياحة، وحسّنت من مستوى الخدمات”.
أما بخصوص الخدمات، فصرّح رئيس الفيدرالية أنها تشهد تحسّنا متواصلا، لكنه أشار إلى أن التحدي الحقيقي يكمن في تحقيق التوازن بين الكمية والجودة، وأيضا بين تنوّع العروض السياحية وتصنيفها، فالسياحة – يقول محدثنا – لا تقتصر على الفنادق الفخمة فقط، بل تشمل مختلف الفئات، وينبغي أن تتماشى مع القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، وتلبي احتياجاته الثقافية.
وفي سياق آخر، تطرّق بولفخاذ إلى موضوع التمكين المالي، حيث دعا إلى إعادة النظر في السياسات التمويلية، موضّحا أن المستثمرين في القطاع السياحي بحاجة إلى قروض ميسرة وطويلة الأجل، حتى يتمكّنوا من تلبية متطلبات الزبائن وتحسين جودة الخدمات السياحية، ممّا يساعدهم أيضا على تطوير مشاريعهم وتوسيع نشاطهم.
وأضاف أنّ دعم الشباب في مجال السياحة مهم جدّا، لأنه يساعدهم على بدء مشاريعهم الخاصة، ويوفّر فرص عمل جديدة، وأشار إلى أن تقديم التكوين والمساعدة اللازمة لهؤلاء الشباب يمكن أن يشجّعهم على الإبتكار، ويعطي دفعة قوية لقطاع السياحة في بلادنا.
وقال المتحدث: “لمسنا في الفترة الأخيرة إرادة حقيقية من السلطات العليا لدفع عجلة التنمية، خاصة بعد تصريحات رئيس الجمهورية خلال حملته الانتخابية الثانية، حيث أعلن أن هذا العام سيكون اقتصاديا بامتياز وتشمل مختلف القطاعات، من بينها السياحة وأضاف أنّ الفاعلين في المجال، كممثلي فدرالية الفنادق، يرحبون بهذا التوجّه ويؤكّدون التزامهم الكامل بمرافقته”.
وأفاد محدثنا أنّ المهنيّين العاملين في القطاع السياحي يبدون استعدادا كبيرا للتعاون مع الجهات المعنية، من خلال عرض مختلف الانشغالات التي تواجههم، وتقديم مقترحات عملية تساعد في تحسين واقع السياحة، وهم لا يطلبون المستحيل، بل يسعون للمساهمة بإيجابية في بناء قطاع سياحي قوي ومزدهر.
وعليه، فإنّ قطاع السياحة في الجزائر يشهد حركية متزايدة وجهودا ملموسة لتطويره وتحسين جودة خدماته، خصوصا مع اقتراب موسم الإصطياف الذي يمثل فرصة حقيقية لإبراز مؤهّلات البلاد السياحية فرغم التحديات، فإنّ الاستثمارات الجديدة وارتفاع عدد الفنادق والتركيز على تكوين الموارد البشرية، كلها مؤشّرات على إرادة قوية للنهوض بهذا القطاع الحيوي.