استذكر باحثون، دور الفنان الجزائري في التعريف بالقضية الجزائرية إبان الثورة التحريرية، اليوم الأربعاء، بيومية المجاهد، بمناسبة الذكرى الـ67 لاستشهاد الفنان علي معاشي.
استعرض المدير السابق للوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، والباحث في التراث الثقافي والفني، عبد القادر بن دعماش، مسار تأسيس الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، مبرزا دور الفنانين في دعم الثورة والذين كانوا مجاهدين في الثقافة، وذلك في منتدى الذاكرة، الذي نظمته جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع يومية المجاهد، بعنوان” مشاركة الفنان في التعريف بالثورة التحريرية ومساهمة الفنانين الشباب في الحفاظ على الذاكرة الوطنية، تخليدا للشهيد علي معاشي وتكريما للفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني”.
وأوضح بن دعماش، أن الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني تأسست في تونس سنة 1958، وضمت 52 فنان من موسيقي ومطرب ومسرحي وغيرهم، حيث شاركت الفرقة في عديد التظاهرات الثقافية الدولية للتعريف بالثورة الجزائرية وجلب التأييد لها من مختلف الدول التي زارتها، قائلا أن الجزائر تفتخر بهذه الشخصيات الفنية، التي ساهمت في دعم الثورة منهم من استشهد.
وأشار المحاضر، إلى أن تأسيس الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، جاء بناء على قرارات مؤتمر الصومام، القاضية بضرورة مشاركة كل شرائح المجتمع الجزائري في الثورة، وانطلاقا من ذلك تكونت لجنة عنوانها “السرية التامة”، اتصلت بالفنانين الجزائريين وكان اللقاء بباريس، وكان ينتظرهم في مدينة “بورن” الألمانية، عبد المجيد كيرمان، لتسليمهم جوازات سفر تحمل الجنسية التونسية، كي يتوجهوا الى روما ثم تونس، وهناك علموا بالمهمة التي جاؤوا من أجلها.
وأضاف بن دعماش، أن الفرقة المسرحية التي كانت تمثل الجزائر بموسكو، كان يرأسها مصطفى كاتب، ومعه الكثير من المسرحيين، حيث قدموا العديد من المسرحيات والأغاني، وكان لديهم إيمان قوي بالثورة، وأول عمل لهم كان يوم 14 ماي 1958 بالمسرح البلدي بتونس، وكان الشيخ حسيسن، من بين المطربين الكبار، حيث أنه كلما كان يقيم حفلة موسيقية بباريس وتونس يذرف الدموع.
وفي هذا الصدد، ذكر المحاضر، أسماء بعض الفنانين الذين كانوا ينتمون الى الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني منهم مصطفى سحنون، فريد علي، أحمد وهبي، يوسف بجاوي، يحيي بن مبروك، عبد الحليم رايس، الهادي رجب، جعفر باك، محمد بودية، محمد زينات، بلعربي وافية، خليفي أحمد، طه العامري، سعيد السايح، محمد بوزيدي، محمد كواسي، سعداوي حمو، سيد علي كويرات، بن براهم زهرة، مليكة براهيمي، مصطفى تومي وغيرهم، حيث جابوا العديد من الدول الأوروبية والعربية.
ومن بين المسرحيات “الخالدون” عرضت في فيفري 1960، “دم الأحرار” في ديسمبر 1961، “أبناء القصبة”، وغيرها من المسرحيات، وفي 20 مارس 1962 عادت الفرقة الفنية إلى الجزائر، وتخليدا لتضحيات هؤلاء الفنانين أصدر الباحث عبد القادر بن دعماش، كتابا حول مسارهم اعترافا بدورهم في الثورة.
من جهته، أكد المؤرخ عمار بلخوجة، أن بطاقة التعريف لأي شعب أو دولة هي الثقافة، وهؤلاء الفنانين عرفوا بالثقافة الجزائرية وبأن هناك شعب ودولة احتلت من طرف الاستعمار، من بينهم الفنان الشهيد علي معاشي.
وأضاف بلخوجة، أنه كان يبلغ 16 سنة، عندما قتل علي معاشي وعلق في الساحة العمومية بمدينة تيارت، رفقة رفيقين في العمل الفدائي هما جهلان محمد وجيلالي بسترة، في 8 جوان 1958، حيث شاهد بشاعة المنظر والجريمة الاستعمارية، و”كان يوم حزن لكل سكان المدينة نساء ورجالا وشبابا”، يضيف المتحدث.
وقال بلخوجة ان اغتيال علي معاشي، مؤسس الفرقة الموسيقية بتيارت “سفير الطرب” هو قتل رمز الكفاح ومساندة الشهيد للثورة لأنه كان ينتمي الى شبكة الفدائيين ويخفي سلاح المجاهدين، والرمز الثاني هو قتل الثقافة، وأشار إلى أن اغتياله هو انتقام الإدارة الاستعمارية لفنان ساهم في دعم الثورة.
وأضاف أنه بعد استرجاع السيادة الوطنية، أراد أن يخلد ذكراه كي لا تزول رسالته بعد استشهاده، ويبقى حيا في ضمير الشبان، فأصدر كتابين عن حياة وأعمال هذا الفنان ابن منطقته تيارت، الأول بعنوان “فن وكفاح” والكتاب الثاني” علي معاشي النشيد المغتال”.
من جهتها، قدمت صفية كواسي، زوجة المصور المرحوم محمد كواسي، شهادتها حول مشاركتها في هذه الفرقة الفنية، حيث كانت تخيط ملابس الفنانين، وشاركت في الأعمال الفنية، مبرزة دور أعضاءها في التعريف بالقضية الجزائرية. وبالمناسبة كرمت صفية كواسي.
