طور باحثون من جامعة “نيو ساوث ويلز” الأسترالية تقنية مبتكرة لتخفيف آلام الأعصاب المزمنة من دون استخدام أي أدوية، وذلك من خلال تدريبات تفاعلية تهدف إلى تنظيم النشاط غير الطبيعي في الدماغ.
أوضح الباحثون أن هذه الطريقة تعد بديلا واعدا لمسكنات الألم، خصوصا في ظل المخاطر المرتبطة بالاستخدام طويل الأمد للأفيونات، لافتين إلى اعتماد الطريقة الجديدة، التي جرى اختبارها على لعبة تفاعلية تسمى “PainWaive” طورت لهذا الغرض وتهدف إلى تعليم المستخدمين كيفية تنظيم النشاط الدماغي غير الطبيعي المرتبط بآلام الأعصاب المزمنة مزودة بسماعة بها تقنية “تخطيط كهربية الدماغ” (EEG) لقياس موجات الدماغ، على تقنيات ترصد مدى تفاعل التطبيق مع تغيرات أنماط هذه الموجات في الوقت الفعلي.
ونوهوا إلى أنه تم تطبيق التجربة الأولية على 4 مشاركين، تلقى كل منهم سماعة “EEG” وجهازا لوحيا مزودا باللعبة التفاعلية، إضافة إلى إرشادات لاستخدام تقنيات ذهنية مثل الاسترخاء أو التركيز على الذكريات الإيجابية لمساعدتهم في تعديل نشاطهم الدماغي، حيث أظهرت النتائج أن 3 من 4 شهدوا انخفاضا ملحوظا في شدة الألم، خصوصا خلال المراحل الأخيرة من فترة العلاج التي امتدت 4 أسابيع.
وأكدوا أن مستوى تخفيف الألم كان مشابها، بل قد يفوق التأثير الذي تقدمه المسكنات الأفيونية، لافتين إلى أن هذه الدراسة تعد من أولى التجارب التي تثبت فاعلية التدريب العصبي التفاعلي من خلال لعبة في تخفيف آلام الأعصاب المزمنة من دون الحاجة إلى الأدوية.
وأضافوا أن المشاركين تمكنوا من استخدام التقنية بمفردهم في المنزل بعد تدريب بسيط عن بعد، مما يعزز من تمكين المرضى ويدعم الرعاية الذاتية، خصوصا في المناطق النائية التي يصعب فيها الوصول إلى مراكز علاج الألم، مشيرين إلى أن التقنية تستهدف تنظيم النشاط العصبي غير الطبيعي في منطقة “المهاد” بالدماغ، وهي مقاربة جديدة ومباشرة تختلف عن الطرق التقليدية التي تركز على الأعراض بدلا من معالجة الأسباب العصبية.
وتعد آلام الأعصاب المزمنة حالة صحية تنتج عن خلل أو تلف في الجهاز العصبي، يؤدي لإرسال إشارات ألم غير طبيعية إلى الدماغ حتى من دون وجود محفز فعلي، ويعاني المصاب عادة عوارض مثل الوخز، والحرقان، والتنميل، أو الشعور بصدمات كهربائية، قد تستمر لأسابيع أو أشهر أو حتى سنوات.
وترتبط هذه الحالة بأسباب متعددة، منها الإصابات الجسدية، ومرض السكري، والتصلب المتعدد، أو العدوى مثل الهربس النطاقي.
وعلى عكس الألم الناتج عن إصابة جسدية مباشرة، فإن آلام الأعصاب يصعب علاجها بالأدوية التقليدية التي قد لا تكون فعالة في جميع الحالات، إلى جانب ما تسببه من آثار جانبية مزعجة، لذلك يبحث العلماء عن حلول بديلة وغير دوائية لتوفير تخفيف فعال ومستدام لهذا النوع من الألم.