الشعب أونلاين

الشعب أونلاين جريدة إلكترونية
تصدر عن مؤسسة الشعب

الجمعة 6 يونيو 2025
  • الرئيسية
  • الجزائر
  • أجندة
  • حدث
  • إقتصاد
  • ثقافة
  • رياضة
  • عالم
  • ذاكرة
  • ملف
  • ميلتيميديا
    • فيديو
    • صور
  • رأي
    • أعمدة
  • منوعات
    • “فايك نيوز”
    • علوم وتكنولوجيا
    • صحة
    • مجتمع
البث المباشر
لاتوجد
عرض كل النتائج
الشعب أونلاين
  • الرئيسية
  • الجزائر
  • أجندة
  • حدث
  • إقتصاد
  • ثقافة
  • رياضة
  • عالم
  • ذاكرة
  • ملف
  • ميلتيميديا
    • فيديو
    • صور
  • رأي
    • أعمدة
  • منوعات
    • “فايك نيوز”
    • علوم وتكنولوجيا
    • صحة
    • مجتمع
الشعب أونلاين
لاتوجد
عرض كل النتائج

التصدير والاستيراد.. قطيعة مع انحرافات الماضي

الشعب أونلاين - الشعب أونلاين
2025-06-03
في آخر الأخبار, ملف
0
التصدير والاستيراد.. قطيعة مع انحرافات الماضي
مشاركة على فيس بوكمشاركة على تويتر

 يشكل إنشاء هيئتين وطنيتين مكلفتين بالاستيراد والتصدير الذي يرافقه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون شخصيا، وفق ما جاء في بيان مجلس الوزراء المنعقد الأحد، تحوّلا مؤسساتيا جوهريا وهو أكثر من مجرد تعديل تنظيمي، بل إعلان عن مرحلة اقتصادية جديدة، ضمن رؤية استراتيجية لدعم الإنتاج المحلي وضمان الامن الاقتصادي.

ملف: سفيان حشيفة وعلي مجالدي وعلي عويش وحياة كبياش 

تتجلى أهمية استحداث الهيئتين في إرساء قطيعة مع كل الانحرافات التي شابت هيئات كانت مسؤولة مباشرة على عمليات الاستيراد في السابق، وإلى ذلك من إرساء حوكمة جديدة مبنية على الكفاءة، الشفافية، والمراقبة.ويؤكد خبراء لـ«الشعب” أن إرساء هذه الحوكمة تقنين الاستيراد، يعد ضرورة ملحة لموائمة الواردات مع الحاجات الفعلية للاقتصاد الوطني خاصة (المدخلات، المعدات، المنتجات غير المنتجة محليا)، إضافة إلى اعتماد آلية رقمية للرقابة المسبقة والآنية على مسارات الاستيراد (من دفتر الشروط إلى دخول البضائع)، أمر يندرج ضمن رؤية استراتيجية ترمي إلى ضبط العجز التجاري، دعم الإنتاج المحلي، وضمان الأمن الاقتصادي للبلاد.

”تقنين” الاستيراد والتصدير ضمن مقاربـة الاقتصاد الرابح

تتجّه السلطات الجزائرية إلى مراجعة الإجراءات المنظمة لعملية الاستيراد من الخارج وضبط إجراءاتها القانونية والرقابية واللّوجتسية، من أجل حماية الإنتاج الوطني والحفاظ على وتيرة نموّه المتسارعة، وكذا ضمان إمدادات كافية للحاجيات الاستهلاكية في السّوق الوطني.

انتقلت الجزائر في السنوات الأخيرة من سياسة الاعتماد على الواردات وانتظار قدوم البواخر المملوءة بالسلع الأجنبية، إلى تحفيز الإنتاج المحلي وتشجيع الاستثمار الداخلي في شتى القطاعات والميادين خاصّة في الصناعات التحويلية الغذائية، بغرض تحقيق الاكتفاء الذاتي، والأمن الغذائي والطاقوي والصناعي والخدماتي والمالي للخزينة العمومية في الأمد القريب.

وبعد أن ارتهن اقتصادها لمستخلصات عوائد الريع النفطي لعقود، بدأت الجزائر فعليا في التفكير بمرحلة الاكتفاء الذاتي والتصدير إلى الخارج، حيث مكنت إصلاحات ورؤية رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، من تحقيق فوائض هامة في العديد من المنتجات المحلية وترويجها في الأسواق الأجنبية، مما أسهم في إنعاش الخزينة العمومية بـ7 ملايير دولار كصادرات خارج المحروقات في سنة 2023، وما زالت الجهود متواصلة لرفع القيمة إلى 10 مليار دولار مع نهاية هذا العام، في ظل استمرار الدولة في دعم وتشجيع الإنتاج المحلي والبحث عن أسواق دولية لتسويق السلع جزائرية المنشأ.

وفي هذا الشأن، عبّرت رئيسة الفيدرالية الجزائرية للتنمية والتعاون الاقتصادي المشترك سعاد بروال، في قراءة لمخرجات اجتماع مجلس الوزراء في شقها المتعلق بإنشاء هيئتين للاستيراد والتصدير، عن دعمها التام والمطلق لتوجيهات رئيس الجمهورية، خاصّة فيما يتعلق بإنشاء الهيئتين الوطنيتين المكلفتين بتنظيم وتسيير عمليتي التصدير والاستيراد.

وأوضحت بروال في تصريح لـ«الشعب”، أن إنشاء هيئتي التصدير والاستيراد يأتي في إطار مقاربة إستراتيجية حكيمة ذات بعد سيادي، تهدف إلى ضبط السوق الوطني، وحماية الإنتاج المحلي، وإعادة الاعتبار للاقتصاد الجزائري لجعله أكثر كفاءة وتنظيما وشفافية.

وأبرزت بروال، أن قرار رئيس الجمهورية بإرجاء اعتماد النصوص التنظيمية الخاصة بالهيئتين قصد تعميق الدراسات، وتأكيده على الإشراف الشخصي على مسار التأسيس من خلال اجتماع وزاري مصغّر، هو تعبير جلّي عن الحرص الرئاسي على تأسيس منظومة اقتصادية قوّية، قادرة على إحداث قطيعة تامّة مع الأساليب القديمة التي كرّست الريع والتبعية للخارج، وفتح صفحة جديدة للاقتصاد الوطني بالارتكاز على الاستثمار الداخلي.

وتابعت بالقول: “تثمّن الفيدرالية الجزائرية للتنمية والتعاون الاقتصادي المشترك التوجيهات السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، المتعلقة بضرورة التنسيق المحكم بين وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات والبنك المركزي وباقي البنوك ومصالح الجمارك، وتؤكد أن إشراك المنظمات الاقتصادية والمهنية التي كانت وما زالت طرفًا فاعلاً في ضبط السوق ومحاربة المضاربة وتسقيف الأسعار وتأطير النشاط التجاري والصناعي، في عملية تقنين عمل هذه الهيئات المستقبلية، لتكييف آلياتها مع واقع السوق الوطنية”.

وأضافت بروال أن الفيدرالية أسهمت عبر لجانها المتخصّصة ومجالسها الاستشارية، في عدّة مشاورات قطاعية مع وزارات التجارة والصناعة والفلاحة والصيد البحري والنقل، من أجل المشاركة في جهود تنظيم النشاطات الحيوية وتطوير القطاعات الإستراتيجية الوطنية، لافتة إلى استعدادها لوضع خبرتها الميدانية وهيئاتها الاستشارية رهن إشارة الدولة، لتكون شريكًا بنّاءً في رسم النصوص التنظيمية الخاصة بالهيئتين الجديدتين، واقتراح معايير دقيقة لاختيار الفاعلين الاقتصاديين المؤهلين لعمليتي الاستيراد والتصدير، مع ضمان التكامل بين الإنتاج المحلي واحتياجات السوق.

ومن جهته، أكد رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل والمقاولين محمد يزيد ملياني، أن تسجيل نمو اقتصادي مرتفع بالسنوات الأخيرة تجاوز 4 بالمائة، وصعود الناتج الداخلي الخام للجزائر إلى قرابة 267 مليار دولار، يترجم وجود تسيير كفء ومحكم لدواليب الاقتصاد الوطني، منذ وصول رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إلى مقاليد الحكم نهاية عام 2019.

وفي تصريح خصّ به “الشعب” قال ملياني، إن رئيس الجمهورية نجح في فرملة الاستيراد العشوائي، وضبط إجراءاته إلى الحد الذي سمح بتقليل فاتورته السنوية، مع تشجيع إنتاج السلع محليا، وتحفيز الاستثمار الداخلي والأنشطة المقاولاتية، بغرض تلبية الاحتياجات الاستهلاكية، وترك فكرة توريد كل شيء من الخارج.

وأشار المتحدث، إلى أن الاقتصاد الوطني مرّ بوضعية معقدة للغاية قبل سنة 2019، جرى خلالها استنزاف موارد الخزينة العمومية من العملات الأجنبية، بسبب الاعتماد الكلي على سياسة الاستيراد وإهمال الإنتاج المحلي لاسيما الفلاحي والصناعي.

كما كانت رؤية رئيس الجمهورية ناجعة في التعويل على الإنتاج الوطني، والذهاب نحو تحقيق اكتفاء ذاتي وتصدير المنتوج الجزائري غير الطاقوي بعديد الشُّعب إلى الأسواق الأجنبية، وهو ما ساهم في زيادة صادرات البلاد خارج المحروقات إلى 7 ملايير دولار سنة 2023 لأوّل مرة منذ الاستقلال، ناهيك عن ارتفاع احتياطي الصرف إلى أكثر من 72 مليار دولار برسم عام 2024 بعد تراجعه سابقًا، يضيف محمد يزيد ملياني.

جدير بالذكر، أن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ترأس أمس الأول، اجتماعا لمجلس الوزراء، تناول عروضا منها إنشاء هيئتين وطنيتين مكلفتين بالاستيراد والتصدير، وأمر بإرجاء العرض الخاص بهما من أجل مزيد من الإثراء للنصوص والآليات القانونية، وسيُشرف عليهما المسؤول الأول شخصيًا من خلال اجتماع وزاري مصغر سينعقد خلال الأيام القليلة المقبلة، بغية إرساء قطيعة مع كل الانحرافات التي شابت هيئات كانت مسؤولة مباشرة على عمليات الاستيراد في السابق.

هيئتا تنظيم وتسيير التصدير والاستيراد.. حظوة بعناية الرئيس

سيشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، شخصيا، على مرافقة إنشاء هيئتي تنظيم وتسيير التصدير والاستيراد من خلال اجتماع وزاري مصغّر ينعقد خلال الأيام القليلة المقبلة، بحسب ما أفاد الأحد، بيان لمجلس الوزراء.

أوضح المصدر أنه “بخصوص هيئتي تنظيم وتسيير التصدير والاستيراد، أمر رئيس الجمهورية، خلال ترؤسه لاجتماع مجلس الوزراء، بإرجاء العرض مع مزيد من الإثراء للنصوص والآليات القانونية للهيئتين التي ينبغي أن تكون مدروسة بدّقة عالية وصالحة لعقود قادمة وتتواءم مع الآليات الدولية”.وفي هذا السياق – يضيف البيان – فإن رئيس الجمهورية “يشرف شخصيا على مرافقة إنشاء هاتين الهيئتين، من خلال اجتماع وزاري مصغّر ينعقد خلال الأيام القليلة القادمة، لإرساء قطيعة مع كل الانحرافات التي شابت هيئات كانت مسؤولة مباشرة على عمليات الاستيراد في السابق”.

كما أمر رئيس الجمهورية بضرورة “التنسيق التام بين وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات والبنوك والبنك المركزي والجمارك لمراقبة ذكية وهادفة وناجعة، تحافظ على الإنتاج الوطني وتوجّه الاستيراد طبقا للحاجة الوطنية الضرورية”.

علاوة على ذلك، أمر رئيس الجمهورية بـ«تحديد مواصفات دقيقة للمستوردين والمصدّرين ضمن النصوص التنظيمية للهيئتين مع تنظيم وتقنين الاستيراد”، إلى جانب “استحداث آليات جديدة لضبط الاستيراد منها تعاونيات الشراء الجماعي تسمح بتوضيح الرؤية في عمليات الاستيراد”.وأمر رئيس الجمهورية أيضا بـ«مراعاة خصوصية وحجم الإنتاج الوطني بشكل بالغ والأخذ به كمؤشر اقتصادي أساسي، بتحديد دقيق للغاية للموارد التي ينبغي استيرادها للضرورة الاقتصادية الحيوية”.وعليه، كلّف رئيس الجمهورية وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات بوضع “مقاييس جزائرية خالصة وُجب احترامها من طرف كل المتعاملين الاقتصاديين المستوردين، مهما كانت المنتجات المراد استيرادها”، وفقا لذات المصدر.

مفاتيح الرئيس تبون لتأسيس حوكمة اقتصادية رشيدة

في خضم التحوّلات الاقتصادية العميقة التي تشهدها الجزائر، وسعيها الحثيث نحو بناء نموذج اقتصادي أكثر تنوعاً واستدامة، تأتي خطوة إنشاء هيئتين وطنيتين متخصصتين في عمليات الاستيراد والتصدير كإحدى اللبنات الأساسية ضمن مسار إصلاحي شامل.

لا يعكس قرار رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، القاضي بإثراء النصوص والآليات القانونية المتعلقة بهاتين الهيئتين والإشراف الشخصي على تأسيسهما، فقط الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع، بل يؤكد أيضاً على إرادة سياسية عليا لإحداث قطيعة جذرية مع الممارسات السابقة ووضع أسس متينة لتنظيم وضبط التجارة الخارجية، التي تمثل شرياناً حيوياً للاقتصاد الوطني، حيث تتجاوز أهمية هاتين الهيئتين مجرد كونهما أداتين إداريتين جديدتين، لتصلا إلى كونهما ركيزتين محوريتين في استراتيجية الدولة الرامية إلى رقمنة الحياة الاقتصادية، ضبط السوق، حماية الإنتاج المحلي المتنامي، وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات الجزائرية في الأسواق العالمية، وكل ذلك في إطار رؤية تهدف إلى تحقيق سيادة اقتصادية كاملة ومستدامة.

لطالما كانت التجارة الخارجية، بجناحيها الاستيراد والتصدير، نقطة ارتكاز أساسية لأي اقتصاد وطني، فهي تحدّد ملامح الميزان التجاري وتؤثر بشكل مباشر على احتياطات الصرف والقدرة الشرائية للمواطن.

في هذا السياق، يندرج إنشاء الهيئتين الوطنيتين ضمن مقاربة شاملة تهدف إلى إعادة هيكلة وتنظيم هذا القطاع الحيوي. فمن جهة، ستعمل الهيئة المكلفة بالاستيراد على ترشيد الواردات وضمان استيراد ما يحتاجه السوق فعلياً، مع وضع معايير جزائرية خالصة، كما أمر به رئيس الجمهورية، حيث يتوجب على كافة المتعاملين الاقتصاديين احترامها. وهذا التوجه لا يهدف فقط إلى كبح فاتورة الاستيراد التي أثقلت كاهل الخزينة العمومية لسنوات، بل يسعى بالدرجة الأولى إلى حماية الإنتاج الوطني الذي يشهد طفرة نوعية، خاصة مع الهدف المسطر لبلوغ مساهمة القطاع الصناعي نسبة 15 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات القادمة. وهذا الهدف الطموح لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عملية مدروسة توازن بدقة بين ما يتم استيراده وما يتم تصنيعه محلياً، مع إعطاء الأولوية للمنتج الجزائري ذي الجودة والتنافسية.

وفي سياق متصل، تأتي الهيئة الوطنية المكلفة بالتصدير لتضطلع بدور لا يقل أهمية، يتمثل في تسهيل ولوج المنتجات الجزائرية إلى مختلف الأسواق العالمية وتعزيز الصادرات خارج قطاع المحروقات. وكانت الجزائر قد حققت أرقاما تاريخية في هذا المجال، حيث فاقت قيمة صادراتها خارج المحروقات 7 مليارات دولار في عام 2024، وهو مؤشر قوّي على الإمكانيات الكبيرة التي يزخر بها الاقتصاد الوطني.

وتطمح الدولة إلى مضاعفة هذا الرقم خلال العامين القادمين، والوصول به إلى 30 مليار دولار بحلول عام 2030. ولتحقيق هذه الغاية، ستعمل الهيئة الجديدة على تذليل العقبات البيروقراطية، توفير المعلومات والدعم اللازمين للمصدرين، والمساهمة في الترويج للمنتج الجزائري عالمياً، خاصة وأن الإشراف الرئاسي المباشر على إنشاء هاتين الهيئتين يهدف إلى إرساء قطيعة مع كل الانحرافات التي شابت الهيئات المسؤولة سابقاً وتحديد مواصفات دقيقة للمستوردين والمصدرين.

علاوة على ذلك، يندرج تأسيس هاتين المنصتين ضمن خطة الدولة الأشمل نحو رقمنة كاملة وشاملة للحياة الاقتصادية في البلاد. فالتحكم في تدفقات السلع والخدمات عبر الحدود، وضمان شفافية المعاملات، ومكافحة التضخيم في الفواتير والممارسات التجارية غير المشروعة، كلها أهداف يمكن تحقيقها بفعالية أكبر من خلال منصات رقمية متكاملة وآليات عمل حديثة. والرقمنة في هذا السياق ليست مجرد تحديث تقني، بل هي أداة حوكمة فعّالة تساهم في ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة، وتوفر قاعدة بيانات دقيقة لصناع القرار لرسم السياسات الاقتصادية المستقبلية.

ويمكن القول إن إنشاء هيئتين وطنيتين للاستيراد والتصدير، مع الحرص على إثراء نصوصهما وآلياتهما القانونية لتكون مدروسة بدقة عالية وصالحة لعقود قادمة ومتلائمة مع الآليات الدولية، يمثل خطوة استراتيجية بالغة الأهمية في مسار الإصلاح الاقتصادي الجزائري. كما إنها مبادرة تعكس رؤية واضحة نحو بناء اقتصاد قوي ومتنوّع، قادر على مواجهة التحدّيات وتحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال ضبط آليات السوق، حماية الإنتاج المحلي، وتعزيز القدرات التصديرية للبلاد، بما يخدم المصلحة العليا للاقتصاد الوطني والمواطن على حد سواء.

بودالي لـ“الشعب”: إنشاء هيئتي الاستيراد والتصدير.. نهاية فوضى

كشف أستاذ الاقتصاد بالمركز الجامعي علي كافي، الأستاذ الدكتور بودالي محمد، عن بوادر التحوّل العميق في الرؤية الاقتصادية للدولة الجزائرية، خصوصاً ما تعلّق بإصلاح منظومة التجارة الخارجية وإعادة الاعتبار لها، وإعادة ضبط ميزان المدفوعات بما يحفظ احتياطات البلاد من العملة الصعبة.

وقال بودالي لـ«الشعب” إن الخطوات الجبّارة التي خَطَتها الدولة في السنوات القليلة الماضية، مكّنت من إرجاع الاقتصاد الوطني إلى سكّة الإنتاج والتنوّع، في خطوةٍ تترجم السياسة الواضحة لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في تفكيك منطق الريع القائم على المحروقات، والانتقال ببلادنا إلى اقتصاد حقيقي متحرّر من التبعية والمديونية الخارجية.

وأوضح بودالي أن فكرة إنشاء هيئة لتنظيم الواردات لم تكن خبط عشواء أو قراراً ارتجالياً، بل كانت نتيجةً للاضطراب الكبير الذي شهده مجال التجارة الخارجية، والذي كاد أن يُعيد الجزائر – بحسب قوله – إلى دوّامة الاستدانة الخارجية بسبب استنزاف احتياطات الصّرف.

وبلغة الأرقام، أوضح أستاذ الاقتصاد بالمركز الجامعي بتندوف أن هذا الاحتياطي بلغ ما يقارب 201 مليار دولار سنة 2013، قبل أن يسجّل تراجعاً إلى 104 مليارات دولار سنة 2017، ليسجّل بعدها انخفاضاً جديداً ويلامس عتبة 87 مليار دولار عام 2018 في وقتٍ كانت فاتورة الاستيراد تناهز 60 مليار دولار، ما خلق أزمة مالية خطيرة وضعت الاقتصاد الوطني بين مطرقة النفقات العمومية المتزايدة وسندان انخفاض موارد البلاد من العملة الصعبة.

وقال بودالي إن هذا التراجع في الاقتصاد الوطني، كان سببه السياسات السابقة التي لم تُحسن توجيه الموارد إلى قطاعات إنتاجية وتعزيز الاستثمار بالبلاد، بل ذهبت إلى التمويل غير التقليدي وطبع النقود بسبب عجز احتياطي الصرف عن مسايرة النفقات العمومية.

وأشاد المتحدّث بالسياسة الحكيمة والخطط الاقتصادية الناجعة التي اعتمدتها الدولة في بداية العهدة الأولى من رئاسة تبون للبلاد، والتي ارتكزت بالأساس على تقييد الواردات، تنظيماً وتوجيها لتلبّي الحاجيات الحقيقية للسوق الوطنية، مع الحرص على تجنّب استنزاف احتياطات البلاد من العملة الصعبة في استيراد الكماليات أو المنتجات المتوفّرة محلياً.

وأشار محدّثنا إلى أن هذه التدابير الثورية، لقيت مواجهة من بعض الأطراف المستفيدة من فوضى الاستيراد، والتي حاولت خلق أزمات ندرة ورفع وتيرة المضاربة لثني الحكومة عن المضي في طريق الإصلاحات الاقتصادية، غير أن الحكومة –يواصل القول- قابلت هذا العبث بإرادة سياسية صلبة مكّنت من رجوح كفّة المصلحة الوطنية والحفاظ على قوت الجزائريين كخيار وطني ثابت.

وعاد بودالي ليؤكّد مرّة أخرى على أن قرار رئيس الجمهورية استحداث هيئتين للاستيراد والتصدير، يُعدُّ تكملةً منطقية وصحيحة للإصلاح الاقتصادي، خصوصاً بعد أن أثبتت التجربة قدرة الجزائر على ولوج الأسواق الخارجية بمنتوجات وطنية تتمتّع بالجودة والقدرة على التنافسية، وقال “الجزائر التي شهدت تطوّراً ملحوظاً في عدّة قطاعات أبرزها الفلاحة، قد تجاوزت مرحلة الاكتفاء الذاتي من العديد من المنتجات، وأصبحت مؤهّلة للدخول في مرحلة التصدير على غرار ما تم تسجيله في المنتجات الفلاحية، الاسمنت والحديد والصلب”، مبرزاً أهمية دخول منجم غار الجبيلات في مرحلة الاستغلال الفعلي، والذي سيعطي دفعةً قوّية ودعماً إضافياً لجهود الدولة الرامية إلى تعزيز النموّ الاقتصادي والرفع من قيمة الصادرات خارج المحروقات.

وتحدّث بودالي بإسهاب عن الأهداف التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها مع نهاية العام الجاري، مؤكّداً عزم الدولة على بلوغ عتبة 13 مليارا دولار كحجم للصادرات خارج المحروقات، وهو هدف وصفه محدّثنا بـ«الواقعي” في ظل المشاريع الاستثمارية الكبرى التي سجّلتها الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار بعد صدور القانون الجديد، والذي أسّس لمناخ استثماري أكثر جذباً وتحرّراً من القيود البيروقراطية.

وعرّج المتحدّث ليسلّط الضوء على النتائج الايجابية الكبيرة والدور المحوري الذي تلعبه الهيئتان في تبسيط إجراءات التصدير والتخلّص من العراقيل الإدارية التي لطالما أثقلت كاهل المصدّرين الجزائريين، وهو ما سيفتح الباب أمام تعزيز تنافسية المنتجات الوطنية في الأسواق الأجنبية، مجدّداً التأكيد على أن السلع الجزائرية باتت تحظى بسمعة جيّدة بفضل دعم الدولة الاستثنائي للمنتجين خاصةً الموارد الطاقوية والعقار الصناعي، مما ساهم في تخفيض تكاليف الإنتاج وقيمة السلع الجزائرية في الأسواق الدولية مقارنةً بمثيلاتها الأجنبية.

وتابع بودالي قائلاً إن إرجاء العرض المتعلّق بهاتين الهيئتين إلى مجلس الوزراء القادم، مع إضفاء المزيد من الإثراء على النصوص والآليات القانونية المتعلّقة بهما، يدخل في إطار التمكين من إجراء دراسة معمّقة وقراءة اقتصادية هادئة لهيئتين استراتيجيتين تؤسّسان لاقتصاد منتج ومتوازن، اقتصاد يضمن للجزائر الريادة الإقليمية في التصدير، ويعزّز مكانتها كفاعل ومؤثّر في منظومة التجارة الدولية، ويصون في الوقت ذاته مقدّرات البلاد وثرواتها الحيوية.

هادف: رئيس الجمهورية يُراهن على الفعّالية والنجاعة

أكد الخبير في التنمية الاقتصادية، عبد الرحمن هادف، أن قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بتأجيل عرض مشروع إنشاء الهيئتين الوطنيتين المكلفتين بتسيير وتنظيم نشاطي الاستيراد والتصدير، يعكس بعداً استراتيجياً عميقاً، ويعبّر عن وعي رئاسي بأهمية دراسة هذا المشروع بدّقة أكبر قبل دخوله حيّز التنفيذ.

وأوضح هادف أن القرار الصادر عن الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء، ينمّ عن “إدراك عميق للآثار المحتملة لمثل هذا المشروع على مستقبل التنوّع الاقتصادي وترقية منظومة التجارة الخارجية، خاصّة في ظل توجه الجزائر نحو الانفتاح على الأسواق الدولية”.

وأضاف يقول إن “المشروع يعتبر جزءاً محورياً من مسار التحوّل الاقتصادي الذي باشرت به الجزائر منذ سنة 2020، والرامي إلى إصلاح منظومة التجارة الخارجية باعتبارها ركيزة أساسية لتنويع الاقتصاد الوطني.”

وتابع: “دعوة رئيس الجمهورية إلى إثراء النصوص التنظيمية والآليات القانونية التي تضبط عمل الهيئتين، تبرز إدراكا عميقا بأن المرحلة الحالية تتطلب اعتماد مقاربة جديدة في إصلاح التجارة الخارجية، تأخذ بعين الاعتبار المعايير الدولية وتعكس الحرص على بناء إطار مؤسساتي محكم يدوم لسنوات قادمة، ويكون متناغماً مع التطوّرات الاقتصادية العالمية.”

وأردف موضّحا: “لقد قطعت البلاد خطوات مهمة، وحان الوقت للانتقال إلى الإصلاح العملي والمؤسساتي، وذلك من خلال استحداث هيئتين متخصّصتين في تنظيم عمليات الاستيراد والتصدير، وتزويدهما بالوسائل اللازمة للقيام بمهامهما بكفاءة، وفق نظرة استراتيجية واستشرافية واضحة”.

ضمن هذا السياق، أبرز هادف أن المقاربة الجديدة تشمل أيضاً جوانب دقيقة تتعلق بضرورة، “توفير الموارد والإمكانيات الضرورية لتحقيق أهداف المشروع، وعلى رأسها النهوض بالصادرات خارج قطاع المحروقات، وزيادة مساهمتها في الميزان التجاري، وتحسين احتياطي العملة الصعبة، إلى جانب تقليص الواردات من خلال دعم الإنتاج المحلي.”

وفي السياق ذاته، ثمّن هادف إشراف رئيس الجمهورية المباشر على الملف، عبر برمجة اجتماع وزاري مصغّر للفصل في آليات تنفيذ المشروع، معتبراً أن هذا الإجراء “يُعلي من سقف المسؤولية ويضعها على عاتق أعلى هرم في الدولة، بما يضمن فعّالية القرار ونجاعته”.

وقال إن “حرص الرئيس على متابعة المشروع شخصياً يعكس إرادته في كسر الممارسات السابقة التي اتسمت بالعشوائية، والسّعي إلى إرساء نظام مؤسساتي قائم على المعطيات العلمية، يُمكّن الجزائر من الاندماج الفعلي في سلاسل القيمة العالمية”.

وضمن هذا المنظور، يرى هادف أن نجاح إصلاح منظومة التجارة الخارجية يتطلب اعتماد أسس مبنية على الذكاء الاقتصادي، من خلال تحليل البيانات وتقييم حاجيات السّوق الوطنية بدّقة، وتحديد الفاعلين الحقيقيين في مجالي التصدير والاستيراد.

وشدّد في النهاية على أهمية أن تتماشى الهيئتان مع المعايير الدولية المعمول بها، داعياً إلى الاستفادة من التجارب العالمية الرائدة في هذا المجال، والاعتماد على الرقمنة كوسيلة لمتابعة تطوّرات السّوق والتعامل مع تحوّلاتها بشكل آني وفعّال.

 

سابقة

عينا وكالة الأمن الصّحي على حماية البيئة اليوم

موالية

خطوط سككية جديدة بين الولايات

الشعب أونلاين

الشعب أونلاين

"الشعب أونلاين"

مشابهةمقالات

 6 قتلى في حوادث مرور 24 ساعة
آخر الأخبار

حوادث مرور .. 7 قتلى في 24 ساعة

2025-06-06
4200 عون و390 شاحنة لضمان نظافة العاصمة في العيد
آخر الأخبار

4200 عون و390 شاحنة لضمان نظافة العاصمة في العيد

2025-06-06
80 ألف فلسطيني يؤدون صلاة العيد في المسجد الأقصى
آخر الأخبار

80 ألف فلسطيني يؤدون صلاة العيد في المسجد الأقصى

2025-06-06
إشتراك
دخول
نبّهني عن
guest
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
الشعب أونلاين

الشعب أونلاين جريدة إلكترونية
تصدر عن مؤسسة الشعب تؤدي خدمة إعلامية عمومية.

© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.

wpDiscuz
لاتوجد
عرض كل النتائج
  • الرئيسية
  • الجزائر
  • أجندة
  • حدث
  • إقتصاد
  • ثقافة
  • رياضة
  • عالم
  • ذاكرة
  • ملف
  • ميلتيميديا
    • فيديو
    • صور
  • رأي
    • أعمدة
  • منوعات
    • “فايك نيوز”
    • علوم وتكنولوجيا
    • صحة
    • مجتمع
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط .