فتحت الحكومة باب تمليك السكنات العمومية للمواطنين، حيث أصدرت المرسوم التنفيذي رقم 25-135 المؤرّخ في 27 أفريل 2025، المعدل والمتمّم للمرسوم التنفيذي رقم 18-153، المتعلّق بشروط وكيفيات التنازل عن الأملاك العقارية التابعة للدولة والمسيّرة من طرف دواوين الترقية والتسيير العقاري “أوبيجي”، في خطوة تعكس حرصها على تسوية وضعية السّكنات العمومية وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.
ييتهدف هذا المرسوم الجديد، الموقّع من طرف الوزير الأول نذير العرباوي، والصادر في العدد 8 من الجريدة الرّسمية، تبسيط الإجراءات وتوضيح الآليات المتعلقة باقتناء هذه الأملاك، مع إدخال الرّقمنة كخيار لتقديم الملفات، وتحديد آجال واضحة للبت في الطلبات والطعون.
ويأتي هذا التعديل في إطار سعي الحكومة لتيسير حصول المواطنين على السكن وتحسين الإطار القانوني المنظم لعملية التنازل عن الأملاك العقارية العمومية، وقد استند المرسوم في تعديلاته إلى عدة قوانين ومراسيم سابقة، أبرزها قوانين المالية المتعاقبة والأوامر المتعلقة بانتقال الأملاك الشاغرة إلى الدولة.
من أبرز ما جاء به المرسوم الجديد هو تعديل المادة الأولى من المرسوم التنفيذي رقم 18-153، حيث أكّد أنّ الهدف هو تحديد شروط وكيفيات التنازل عن الأملاك العقارية التابعة للدولة والأملاك المسيّرة من طرف دواوين الترقية والتسيير العقاري، وذلك تطبيقا لأحكام قانون المالية لسنة 2001 وقانون المالية التكميلي لسنة 2022، كما حدّد تشكيلة لجنة المقاطعة الإدارية أو لجنة الدائرة المكلفة بدراسة طلبات الشراء، حيث أوضح أن اللّجنة يرأسها الوالي المنتدب أو رئيس الدائرة، وتضم في عضويتها رئيس أو رؤساء المجالس الشعبية البلدية المعنية، وممثل المدير العام لديوان الترقية والتسيير العقاري المعني.
ولعل من أهم الإضافات التي حملها المرسوم الجديد هو إدراج المادة “2 مكرّر”، التي تنصّ صراحة على إمكانية إيداع ملف طلب شراء الأملاك العقارية المعنية إما في شكل ورقي أو عبر منصة رقمية يتم إنشاؤها لهذا الغرض، وهو ما من شأنه تسهيل الإجراءات على المواطنين وتقليل الأعباء الإدارية، وتسريع وتيرة معالجة الملفات، كما تم تحديد أن مصالح المقاطعة الإدارية أو الدائرة هي التي تتولى الأمانة التقنية للجنة.
فيما يتعلق بآجال البت في الطلبات، ألزمت المادة 14 المعدلة لجنة المقاطعة الإدارية أو لجنة الدائرة بالفصل في كل طلب شراء في أجل أقصاه شهرين ابتداء من تاريخ إيداع الطلب، وفي حال رفض الطلب، يجب تعليل ذلك وتبليغ الطالب به، على أن يمكنه تقديم طعن في قرارات هذه اللجنة لدى اللجنة الولائية في أجل شهر واحد ابتداء من تاريخ تبليغ مقرّر اللجنة، وتفصل اللجنة الولائية في الطعن خلال شهر واحد من تاريخ إخطارها.
وبخصوص شروط اقتناء السكنات، نصت المادة 4 المعدلة على أنه يمكن للشاغلين الشرعيين للأملاك العقارية ذات الاستعمال السكني، اقتناء سكناتهم إما بدفع كامل الثمن فورا أو بالتقسيط.
ومن بين التسهيلات الهامة التي جاءت بها هذه المادة، استفادة هؤلاء الشاغلين من خصم مبالغ الإيجار التي دفعوها منذ تاريخ شغلهم للسكن المعني وحتى تاريخ تبليغهم بمقرّر التنازل، وذلك بناء على شهادة استيفاء الإيجار التي تعدها المصلحة المسيرة، وفي حالة اختيار صيغة الشراء بالتقسيط، يستفيد الطالب من أجل أقصاه خمس وعشرون سنة لدفع ثمن التنازل، وهو ما يمثل تمديدا محتملا مقارنة بما كان معمولا به سابقا، ممّا يوفر مرونة أكبر للمواطنين.
أما بالنسبة للأملاك العقارية التي تسيّرها دواوين الترقية والتسيير العقاري، فقد أوضحت المادة 18 المعدلة أنه يجب إيداع طلب الشراء من طرف الطالب لدى مصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري المعني، ويكلف المدير العام لهذا الديوان بدراسة طلبات الشراء والفصل فيها خلال أجل شهر واحد من تاريخ إيداع الطلب، وفقا للمادة 20 المعدلة، على يبلغ الطالب بقرار المدير العام وثمن التنازل ووثيقة الالتزام بالشراء عبر رسالة موصى عليها مع إشعار بالاستلام. وفي حال الموافقة، يتعين على الطالب تأكيد طلبه لدى مصالح الديوان خلال شهر واحد من تاريخ استلام التبليغ، ثم يقوم بالتسديد حسب إحدى صيغتي الشراء المحدّدة.
وفيما يخص الطعون المتعلقة بقرارات المدير العام لديوان الترقية والتسيير العقاري، نصت المادة 21 المعدلة على أنها تقدم لدى لجنة الطعون التابعة للمديرية الولائية المكلفة بالسكن، وذلك في أجل شهر واحد من تاريخ استلام التبليغ، وتتولى هذه اللجنة، التي يرأسها المدير الولائي المكلف بالسكن وتضم المدير الولائي لأملاك الدولة، دراسة الطعون والفصل فيها في أجل خمسة عشر يوما من تاريخ الإخطار، حسب ما جاء في المادة 22 المعدلة.
هذه التعديلات ستضفي مزيدا من الشفافية والفعالية على عملية التنازل عن الأملاك العقارية العمومية، وتستجيب لتطلعات المواطنين في تسهيل إجراءات تمليك السكنات التي يشغلونها بصفة شرعية، مع ضمان حقوق جميع الأطراف المعنية، ومن المتوقّع أن يكون لهذه التعديلات، خاصة فيما يتعلق برقمنة الإجراءات وتحديد الآجال وتقديم تسهيلات في الدفع، أثر إيجابي على وتيرة تسوية وضعيات العديد من السكنات والمساهمة في تحقيق الاستقرار الاجتماعي للمواطنين.