دعت الجمهورية الصحراوية إلى فتح تحقيق في حالات الاختفاء القسري في أراضيها الواقعة تحت الاحتلال المغربي ووضع حد للإفلات من العقاب،معتبرة أن هذه الظاهرة تشكل “جريمة ضد الإنسانية وهجوما ممنهجا” على حقوق الإنسان.
في مداخلة له أمس الجمعة حول الاختفاء القسري خلال أشغال الدورة الـ 83 للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب المنعقدة ببانجول،أكد السفير الصحراوي،ماء العينين لكحل،أن هذه الظاهرة “لا تزال واحدة من أفظع وأطول انتهاكات حقوق الإنسان التي يعاني منها الشعب الصحراوي،وهي ناتجة عن الاحتلال الاستعماري المغربي المتواصل للصحراء الغربية منذ عام 1975”.
واعتبر السفير أن الاختفاء القسري،الذي ترك آثارا عميقة على الأفراد والعائلات وعلى الهوية الجماعية للشعب الصحراوي،يشكل “جريمة ضد الإنسانية وهجوما ممنهجا على حقوق الإنسان وعلى الذاكرة الجماعية”،حسب ما نقلته وكالة الأنباء الصحراوية (واص).
وأوضح السفير الصحراوي أنه بسبب الطبيعة السرية للاختفاء القسري المتواصل في ظل الاحتلال العسكري المغربي وفي ظل المقاومة المتواصلة التي تتصدى له،”يصعب تأكيد الأرقام الدقيقة،ومع ذلك،فإن جمعية عائلات المعتقلين والمفقودين الصحراويين توثق حالات الآلاف من الضحايا،احتجز العديد منهم في أماكن سرية لعدة أشهر أو لسنوات”.
وفي هذا الشأن،استدل الدبلوماسي الصحراوي بتقرير معنون “واحة الذاكرة”،الذي أعده كارلوس مارتين بيرستين الخبير في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في أمريكا اللاتينية ومناطق أخرى،وكذا المتخصصة في دراسات حقوق الإنسان،إلويسا غونثاليث هيدالغو،ك”أحد أوثق التقارير لهذه الظاهرة”.
وأشار إلى أن الباحثين “عملا على توثيق أكثر من 800 حالة اختفاء بين عامي 1975 و1993 لا يزال حوالي 400 شخص منهم في عداد المفقودين”.
وأكد أنه بالنظر إلى قلة عدد الشعب الصحراوي،فإن معدل الاختفاء القسري المسجل يعد من “أعلى النسب عالميا،متجاوزا الوضع الذي وثق في الأرجنتين أو
تشيلي ويضاهي سياقات إبادة جماعية مثل حالات بغواتيمالا أو تيمور الشرقية”.
وأضاف أنه “وفقا لذات التقرير،فإن نحو 63 بالمائة من الناجين الذين تمت مقابلتهم عانوا من ظروف ترتقي إلى مستوى المعاملة القاسية واللاإنسانية،بينما يعيش المجتمع الصحراوي في ظل حزن متواصل وخوف مستمر في ظل غياب العدالة”.
وقال ماء العينين لكحل أن هذه الإختفاءات اتخذت “نمطا وحشيا من اعتقال تعسفي بدون إجراءات قانونية إلى احتجاز مطول في مرافق سرية”،مثل أكدز وقلعة مكونة والسجن لكحل الشهير بالعيون المحتلة،مع استخدام كبير للتعذيب،
وحرمت العائلات من أي معلومات مما يتسبب في صدمة نفسية مستمرة وفي التفكك الاجتماعي.
واختتم السفير بالقول: “أمام العواقب العميقة لاتساع هذه الانتهاكات،فإن الشعب الصحراوي لا يطالب بأقل من كرامة الحقيقة واستعادة العدالة”،داعيا اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى وضع حد للإفلات من العقاب وإبقاء قضية الاختفاء القسري بالصحراء الغربية في صدارة جدول أعمالها لحقوق الإنسان.
وناشد المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى دعم آليات التحقيق والتعرف على الضحايا وتعويضهم في قضايا الاختفاء القسري في الصحراء الغربية.