ليس تقييما جديدا إن قلنا إن الآلة الإعلامية الفرنسية – عموما – عقيمة؛ فهذا لا يخفى على أحد من العالمين، وكلّ من يتابع تلفزيونات (فافا) المؤدلجة، يكتشف بسهولة أسلوبها البسيط في المعالجة، ومنهجها البائس في التحليل، وعجزها (المنقّح) عن التّخفي وراء ما تحاول أن توهم به متابعيها، وتطلق عليه اسم «الحريّة»، خاصة حين يتعلق الأمر بالتعامل مع «أخبار» ما تتوسم أنّه..»الفردوس المفقود»..
ولا تكفّ الآلة الإعلامية إياها عن تقديم الأدلة على حمقها الراسخ؛ ولهذا تحرص على اختيار المواضيع التي تبرهن على رأيها القاصر، ورؤيتها (المعمّشة)، ويكفي أنها (اجتهدت!!) في النيل من الجزائريين، فلم تجد غير «الحرائق» كي تتّخذ منها (تكئة) لتمرير سمومها، وبث مهاتراتها، دون أن تضع في حسبانها بأن (ألاعيبها الصغيرة) لا يمكن أن تنطلي على الذين علّموها كيف تحترم الإنسان، وعالجوا عقدها المتراكمة بثورة عظمى لا تزال تصيبها بـ(الوجعة) إلى يوم الناس هذا..
والحق أن الحرائق لا تضر بالجزائريين في شيء، ليس لأنها تحدث في جميع البلدان، وتمسّ بجميع الشعوب، بل لأن الجزائريين أصحاب خبرة كبيرة في التعامل مع ألسنة اللّهب بمنتهى الاحترافية؛ ذلك لأنهم أخمدوا «سياسة الأرض المحروقة» من قبل، وعرفوا كيف يعيشون رغماً عن المحارق التي أوقدها الجنرالات الكولونياليون الفرنسيون، بل إنهم تعاملوا مع نيران النابالم الفرنسي، ونيران (الطيارات الصفرا) وهم لا يملكون ما يدافعون به على أنفسهم سوى إيمانهم بالحرية، ورفضهم المطلق للاستعمار..
اليوم.. نتعامل مع الحرائق باحترافية، ونتمكن من إخمادها، ولا نملك شيئا – مع الأسف – لألسنة اللهب الحارقة التي تأكل قلوب الحالمين بالفردوس.. المساكين.. لعلهم لا يعلمون أن النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله..